أل الوحيشي
مرحبا يشرفنا حضوركم وانضمامكم ألي أسرتنا فكونوا معنا خطوة خطوة حتى يلتم الشمل وتجتمع اسرة أل الوحيشي ومن كل أقطار العالم
أل الوحيشي
مرحبا يشرفنا حضوركم وانضمامكم ألي أسرتنا فكونوا معنا خطوة خطوة حتى يلتم الشمل وتجتمع اسرة أل الوحيشي ومن كل أقطار العالم
أل الوحيشي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اترك أثرا قبل الرحيل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدربه عبدرالله االوحيشي
مراقب عام
مراقب عام
عبدربه عبدرالله االوحيشي


عدد المساهمات : 156
تاريخ التسجيل : 18/10/2010
العمر : 38
الموقع : اليمن

اترك أثرا قبل الرحيل  Empty
مُساهمةموضوع: اترك أثرا قبل الرحيل    اترك أثرا قبل الرحيل  I_icon_minitimeالسبت فبراير 12, 2011 11:46 am





الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فإن من أعظم الأعمال أجراً، وأكثرها مرضاة لله ، تلك التي يتعدى نفعها إلى الآخرين، وذلك لأن نفعها وأجرها وثوابها لا يقتصر على العامل وحده، بل يمتد إلى غيره من الناس، حتى الحيوان، فيكون النفع عاماً للجميع.
ومن أعظم الأعمال الصالحة نفعاً، تلك التي يأتيك أجرها وأنت في قبرك وحيداً فريداً، ولذا يجدر بالمسلم أن يسعى جاهداً لترك أثر قبل رحيله من هذه الدنيا ينتفع به الناس من بعده، وينتفع به هو في قبره وآخرته، وصدق الله في قوله: ]وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا[ [المزمل:20].







نماذج للأعمال المتعدية النفع

الدعوة إلى الله:
إن الدعوة إلى الله من أعظم الأعمال نفعاً للآخرين، فليس هناك نفع متعد كالدعوة إلى توحيد الله، وحمل هم الدين وتبليغه، ولذلك منح الله هذه الوظيفة لأفضل الخلق من بني آدم، وهم الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم، وكذلك من سار على دربهم.
قال تعالى: ]وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[ [فصلت:33].
قال ابن كثير رحمه الله : ]وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا[ : أي دعا عباد الله إليه.
]وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[ : أي هو في نفسه مهتد بما يقوله، فنفعه لنفسه ولغيره لازم ومتعد، وليس هو من الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتون، وينهون عن المنكر ويأتونه، بل يأتمر بالخير، ويترك الشر، ويدعو الخلق إلى الخالق تبارك وتعالى، وهذه عامة في كل من دعا إلى خير وهو في نفسه مهتد ([1]).

فأهل الدعوة إلى الله لم يرضوا لأنفسهم أن يروا الغرقى فلا يقذوهم، ولا فقدوا إنسانيتهم فتركوا الحيارى يحيدون عن الطريق بلا إرشاد، ولم يدفنوا العلم ولا أوقفوه على أنفسهم، بل ألقوا دثر الراحة ونفضوا غبار الكسل عن أنفسهم، وانطلقوا في خضهم الحياة حاملين النور للآخرين، فعلموا الجاهل، ونبهوا الغافل، وهدوا الضال بإذن الله وتوفيقه.

فأفضل النفع للآخرين إخراجهم من ظلمات الكفر والبدع والمعاصي إلى نور التوحيد والسنة والطاعة.
قال الله تعالى: ]أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[ [الإنعام:122].

تعليم الناس العلم النافع:
ومن المجالات العظيمة للنفع المتعدي تعليم الناس الخير، وتعريفهم بالحلال والحرام، ولذلك وردت أدلة كثيرة في فضل تعليم الناس:
عن معاذ بن أنس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : «من عمل علما فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل»([2]).

عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»([3]).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح : «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»ولا شك أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه مكمل لنفسه ولغيره، جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي ولهذا كان أفضل، وهو من جملة من عنى سبحانه وتعالى وبقوله: ]وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[[فصلت:33]، والدعوة إلى الله تقع بأمور شتى منها تعليم القرآن وهو أشرفها ([4]).
عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به» ([5]).

وقد ألهم الله تعالى أنواع الحيوان الاستغفار للعالم:
فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : «إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير» ([6]).

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : «من سلك طريقاً يبتغي فيه علما سلك الله به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافرٍ»([7]).


لماذا تستغفر الحيوانات للعالم؟

أولاً: كرامة من الله تعالى له على تعليمه الناس شريعة الله تعالى.


ثانيا: أن نفع العالم قد تعدي حتى انتفعت به الحيوانات، فإنه يأمر بالإحسان إليها: «فإذا قتلتم، فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم، فأحسنوا الذبحة»([8]).
ويبين مايتعلق بها من أحكام، فألهمها الله الاستغفار للعلماء مجازاة على حسن صنيعهم بها وشفقتهم عليها.
«وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب»([9]).
قال القاضي رحمه الله : شبه العالم بالقمر والعابد بالكواكب، لأن كمال العبادة ونورها لا يتعدى من العابد، ونور العالم يتعدى إلى غيره ([10]).



أيهما أفضل العبادة أم الاشتغال بالعلم والتعليم؟

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : الإنصاف أن يقال كلما زاد على ما هو في حق المكلف فرض عين فالناس فيه على قسمين : من وجد في نفسه قوة على الفهم والتحرير، فتشاغله بذلك أولى من إعراضه عنه وتشاغله بالعبادة لما فيه من النفع المتعدي، ومن وجد في نفسه قصوراً فإقباله على العبادة أولى لعسر اجتماع الأمرين، فإن الأول لو ترك العلم لأوشك أن يضيع بعض الأحكام بإعراضه، والثاني لو أقبل على العلم وترك العبادة فاته الأمران لعدم حصول الأول وإعراضه به عن الثاني والله الموفق ([11]).

قال النووي رحمه الله: يجزي [يعني للمعتكف] أن يقرأ القرآن ويقرئه غيره، وأن يتعلم العلم ويعلمه غيره، ولا كراهة في ذلك في حال الاعتكاف. قال الشافعي وأصحابنا: وذلك أفضل من صلاة النافلة، لأن الاشتغال بالعلم فرض كفاية فهو أفضل من النفل، ولأنه مصحح للصلاة وغيرها من العبادات، ولأن نفعه متعد إلى الناس، وقد تظاهرت الأحاديث بتفضيل الاشتغال بالعلم على الاشتغال بصلاة النافلة.
وكان الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله يترك صيام النافلة في بعض الأيام ويقول: لأنه يضعف عن القيام بحوائج الناس.

الجهاد في سبيل الله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل للنبي صلى الله عليه و سلم ما يعدل الجهاد في سبيل الله ؟ قال : «لا تستطيعوه» قال: فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول: «لا تستطيعونه» وقال في الثالثة : «مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد إلى أهله»([12]).
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله : أي الناس أفضل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : «مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله»، قالوا : ثم من ؟ قال : «مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره»([13]).

وإنما كان المجاهد أفضل من المؤمن المعتزل للناس، لأنه بذل نفسه وماله في سبيل الله، مع ما في جهاده من النفع المتعدي، فإنه بالجهاد يدخل الناس في دين الله أفواجاً، ويذل الكفر وأهله، وتحمي حوزة الدين، وتحفظ حرمات المسلمين، وغير ذلك من المصالح العظيمة التي تحصل بالجهاد.
ولذلك كان من أسباب خيرية هذه الأمة على ما سواها من الأمم أنها أنفع الأمم لغيرها، فإن هذه الأمة تنفع غيرها من الأمم بأنفع الأشياء على سبيل الإطلاق، ألا وهو السعي في هدايتها إلى الإسلام، ثم ما يترتب على ذلك من دخولهم الجنة، ونجاتهم من النار.

عن أبي هريرة رضي الله عنه : ]كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ[ قال : خير الناس للناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام ([14]).

وقال ابن حجر رحمه الله: (خير الناس للناس) أي : أنفعهم لهم، وإنما كان ذلك لكونهم كانوا سببا في إسلامهم ([15]).

ونقل ابن حجر رحمه الله عن ابن الجوزي رحمه الله قوله : معناه أنهم أسرور وقيدوا، فلما عرفوا صحة الإسلام دخلوا طوعاً، فدخلوا الجنة ([16]).


الحراسة في سبيل الله:

ومما يتعدى نفعه الحراسة في سبيل الله : عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي r قال : «ألا أنبئكم بليلة أفضل من ليلة القدر؟ حارس حرس في أرض خوف لعلة أن لا يرجع إلى أهله» ([17]).

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله r يقول : «عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله»([18]).
«عينان لا تمسهما النار» أي لا تمس صاحبهما، فعبر بالجزء عن الجملة ([19]).


قصة عباد بن بشر رضي الله عنه في حراسة المسلمين:

عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى نجد، فغشينا داراً من دور المشركين، قال : فأصبنا امرأة رجل منهم، قال: ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم راجعاً، وجاء صاحبها وكان غائباً فذكر له مصابها فحلف لا يرجع حتى يُهريق في أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم دماً، قال : فلما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ببعض الطريق نزل في شعب من الشعاب وقال : «من رجلان يكلانا في ليلتنا هذه من عدونا» قال : فقال رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار نحن نكلؤك يا رسول الله، قال : فخرجا إلى فم الشعب دون العسكر، ثم قال الأنصاري للمهاجري : أتكفيني أول الليل وأكفيك آخره أم تكفيني آخره وأكفيك أوله ؟ قال : فقال المهاجري بل أكفني أوله وأكفيك آخره فنام المهاجري وقام الأنصاري يصلي، قال : فافتتح سورة من القرآن فبينا هو يقرأ فيها إذ جاء زوج المرأة، فلما رأى الرجل قائماً عرف أنه ربيئة القوم - أي حارسهم ([20])- فينتزع له بسهم
فيضعه فيه، قال : فينزعه فيضعه وهو قائم يقرا في السورة التي هو فيها ولم يتحرك كراهية أن يقطعها، قال : ثم عاد له زوج المرأة بسهم آخر فوضعه فيه فانتزعه فوضعه وهو قائم يصلي ولم يتحرك كراهية أن يقطعها، قال ثم عاد له زوج المرأة الثالثة بسهم فوضعه فيه فانتزعه فوضعه ثم ركع فسجد ثم قال لصاحبه : أقعد فقد أوتيت، قال : فجلس المهاجري فلما رآهما صاحب المرأة هرب وعرف أنه قد نذر به قال : وإذا الأنصاري يموج دماً من رميات صاحب المرأة، قال فقال له أخوه المهاجري يغفر الله لك ألا كنت آذنتني أول ما رماك ؟ قال، فقال : كنت في سورة من القرآن قد افتتحتها أصلي بها فكرهت أن أقطعها وأيم الله لولا أن أضيع ثغراً أمرني به رسول الله صلى الله عليه و سلم بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعه ([21]).

بناء المساجد:

- قال الله تعالى : ]إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ[ [التوبة:18].
- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : «من بني مسجداً يبتغي به وجه الله بني الله له مثله في الجنة» ([22]).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحاً تركه، ومصحفاً ورثة، أو مسجداً بناه، أو بيتا لابن السبي بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحة وحياته يلحقه من بعد موته» ([23]).
- وكان رسول الله صلى عليه و سلم يتعاون مع أصحابه في بناء المسجد النبوي فعن أبي سعيد رضي الله عنه في ذكر بناء المسجد قال : كنا نحمل لبنة وعمار لبنتين لبنتين فرآه النبي صلى الله عليه و سلم فينفض التراب عنه ويقول : «ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» قال يقول عمار رضي الله عنه : أعوذ بالله من الفتن ([24]).


النصيحة:
عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : «الدين النصيحة» قلنا : لمن؟ قال : «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» ([25]).

قال ابن حجر رحمه الله : وهذا الحديث من الأحاديث التي قيل فيها إنها أحد أرباع الدين ([26]). وقال النووي رحمه الله : هذا حديث عظيم الشأن وعليه مدار
الإسلام. وأما ما قاله جماعات من العلماء أنه أحد أرباع الإسلام أي أحد الأحاديث الأربعة التي تجمع أمور الإسلام فليس كما قالوا، بل المدار على هذا وحده... والله أعلم ([27]).

والنصيحة لله: وصفه بما هو أهل له، والخضوع له ظاهراً وباطناً، والرغبة في محابه بفعل طاعته، والرهبة من مساخطه بترك معصيته والجهاد في رد العاصين إليه.
والنصيحة لكتاب الله: تعلمه، وتعليمه، وإقامة حروفه في التلاوة، وتحريرها في الكتابة، وتفهم معانية، وحفظ حدوده، والعمل بما فيه، وذب تحريف المبطلين عنه.
والنصيحة لرسوله : تعظيمه، ونصره حياً وميتاً، وإحياء سنته بتعلمها وتعليمها، والاقتداء به في أقواله وأفعاله، ومحبته ومحبة أتباعه.
والنصيحة لأئمة المسلمين: إعانتهم على ما حملوا القيام به، وتنبيههم عند الغفلة، وسد خلتهم عند الهفوة، وجمع الكلمة عليهم، ورد القلوب النافرة إليهم، ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن.
والنصيحة لعامة المسلمين : إرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم، وكف الأذى عنهم فيعلمهم ما يجهلونه من دينهم، ويعينهم عليه بالقول والفعل، وستر عوراتهم، وسد خلاتهم، ودفع المضار عنهم، وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص، والشفقة عليهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وتخولهم بالموعظة الحسنة، وترك غشهم وحسدهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير، ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه، والذب عن أموالهم وأعراضهم، وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل، وحثهم على التخلق بجميع ما ذكرناه من أنواع النصيحة، وتنشيط هممهم إلى الطاعات وقد كان في السلف t من تبلغ به النصيحة إلى الإضرار بدنياه.


الإصلاح بين الناس:
قال الله تعالى : ]لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا[.
قال السعدي رحمه الله أي : لا خير في كثير مما يتناجى به الناس ويتخاطبون، وإذا لم يكن فيه خير، فإما لا فائدة فيه كفضول الكلام المباح، وإما شر ومضرة محضة كالكلام المحرم بجميع أنواعه.
ثم استثنى تعالى فقال : ]مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ[ من مال أو علم أو أي نفع كان، بل لعله يدخل فيه العبادات القاصرة كالتسبيح والتحميد ونحوه، كما قال النبي r : «إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة»([28]).
]أَوْ مَعْرُوفٍ[ وهو الإحسان والطاعة وكل ما عرف في الشرع والعقل حسنه، وإذا أطلق الأمر بالمعروف من غير أن يقرن بالنهي عن المنكر دخل فيه النهي عن المنكر، وذلك لأن ترك المنهيات من المعروف، وأيضا لا يتم فعل الخير إلا بترك الشر. وأما عند الاقتران فيفسر المعروف بفعل المأمور، والمنكر بترك المنهي.
]أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ[ والإصلاح لا يكون إلا بين متنازعين متخاصمين، والنزاع والخصام والتغاضب يوجب من الشر والفرقة ما لا يمكن حصره، فلذلك حث الشارع على الإصلاح بين الناس في الدماء والأموال والأعراض، بل وفي الأديان كما قال تعالى : ]وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا[ [آل عمران:103] وقال تعالى: ]وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[ [الحجرات:19].
وقال تعالى : ]وَالصُّلْحُ خَيْرٌ[ [النساء :128]، والساعي في الإصلاح بين الناس أفضل من القانت بالصلاة والصيام والصدقة، والمصلح لابد أن يصلح الله سعيه وعمله.
كما أن الساعي في الإفساد لا يصلح الله عمله ولا يتم له مقصودة كما قال تعالى : ]إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ[ [يونس:81].
فهذه الأشياء حيثما فعلت فهي خير كما دل على ذلك الاستثناء [وذلك لما فيها من النفع المتعدي] ولكن كمال الأجر وتمامه بحسب النية والإخلاص ولهذا قال : ]وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا[([29]) [النساء:114].
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : «إن أفضل الصدقة إصلاح ذات البين»([30]).
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى يا رسول الله قال إصلاح ذات البين»([31]).

ومما لاشك فيه أن منزلة الصيام والصلاة عظيمة، فهما ركنان من أركان الإسلام، والمراد هنا : صلاة النافلة وصيام النافلة، إذا إصلاح ذات البين خير من صلاة وصيام النوافل، لأن أجرهما وثوابهما محصور على صاحبه بينما إصلاح ذات البين : نفع متعد إلى الآخرين.
فمن يشغل وقته بإصلاح ذات البين أفضل ممن يشغل وقته بنوافل الصيام والصلاة.



الشفاعة ونصرة المظلومين:
فيتوسط المسلم لأخيه في جلب منفعة أو دفع مضرة، وهذا من نفع المسلمين بالجاه.
عن أبي موسى رضي الله عنه قال : كان رسول لله صلى الله عليه و سلم إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال : «اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه r ما شاء »([32]).
قال النووي رحمة الله: (فيه: استحباب الشفاعة لأصحاب الحوائج المباحة، سواء كانت الشفاعة إلى سلطان ووال ونحوهما، أم إلى واحد من الناس، وسواء كانت الشفاعة إلى سلطان في كف ظلم، أو إسقاط تعزير، أو في تخليص عطاء المحتاج، أو نحو ذلك؛ وأما الشفاعة في الحدود فحرام، وكذا الشفاعة في تتميم باطل، أو إبطال حق، ونحو ذلك؛ فهي حرام)([33]).

ودل قوله صلى الله عليه و سلم: «ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء» أن الساعي مأجور على كل حال، وإن خاب سعيه ولم تنجح طلبته([34]).

وكان النبي صلى الله عليه و سلم يبذل جاهه لمنفعة المسلمين ومصلحتهم؛ فكان يشفع لهم حتى في أمورهم الخاصة، فلما عتقت بريرة رضي الله عنها وكان زوجها عبداً اختارت فسخ النكاح، فحزن عليها زوجها، وكان يحبها كثيراً، حتى كان يمشي خلفها في طرقات المدينة وهو يبكي، وسأل النبي صلى الله عليه و سلم أن يشفع له عندها حتى ترجع إليه ففعل النبي صلى الله عليه و سلم وقال لها : «لو راجعتيه فإنه أبو ولدك». قالت: يا رسول الله، أتأمرني؟ قال: «لا، إنما أنا شافع». قالت: لا حاجة لي فيه





منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اترك أثرا قبل الرحيل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أل الوحيشي  :: خيوط من النور وعقائد أسلامية-
انتقل الى: