اعلم أن كثرة النوم يميت القلب, ويثقل البدن, ويضيع الوقت,ويورث كثرة الغفلة والكسل. وانفع النوم ما كان عند شدة الحاجة إليه. ونوم أول الليل أحمد وانفع من آخره. ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه.
ومن المكروه النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس. فإنه وقت غنيمة. وبالجملة فأعدل النوم وأنفعه : نوم نصف الليل الأول, وسدسه الأخير. وهو مقدار ثمان ساعات. وهذا أعدل النوم عند الأطباء. وما زاد عليه أو نقص منه أثر عندهم في الطبيعة انحرافا بحسبه.
ومن النوم الذي لا ينفع أيضا: النوم أول الليل, عقب غروب الشمس, حتى تذهب فحمة العشاء. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهه. فهو مكروه شرعا وطبعا.
وكما أن كثرة النوم مورثة لهذا الآفات, فمدافعته وهجره, مورث لآفات أخرى عظام . ويورث أمراضا متلفة لا ينتفع صاحبها بقلبه ولا بدنه معها. وما قام الوجود إلا بالعدل. فمن اعتصم به فقد أخذ بحظه من مجامع الخير وبالله المستعان.
مدا رج السالكين
لأبن القيم الجو زيه